رواية „مئذنة في ريجنت بارك“ للكاتبة السودانية „ليلى أبو العلا“ هي رواية مرتبطة بصاحبتها وانعكاس لخبراتها وثقافتها وتجربتها الشخصية تنحدر من شعور قوي بقسوة الحياة في المنفى والاغتراب الجغرافي والثقافي، حيث تشكل شخصية „نجوى“ المرأة السودانية التي يجبرها انقلاب مفاجئ على مغادرة بلادها والعيش في المنفى، في بريطانيا، نموذجاً للمرأة المسلمة التي تستفيد من غربتها في زيادة الارتباط بعقيدتها الإسلامية والعودة إلى هويتها الدينية بعد أن جربت حياة الحرية… تتوزع أحداث الرواية على مراحل زمنية تبدأ بالعام 1984 وتنتهي في العام 2004، وتنفتح على فضاء روائي متعدد، متشعب، متنوع، وفي الوقت نفسه، ثمة بنية روائية تحتضن هذا التنوع، يتمظهر ذلك بوضوح حينما تهجر نجوى حبيبها أنور وتنخرط مع مجموعة من النساء المسلمات في مسجد „ريجنت بارك“، حيث تبدأ حياة أخرى مليئة بالدروس الدينية التثقيفية، مما جعلها تحس بشجاعة وقوة وارتياح لم تشعر بها من قبل، تمكنت من خلالها من التغلب على مشاعر حبها لأنور وقطع علاقتها به، حتى أنها تقبلت فكرة العمل كوصيفة ومدبرة منزل، لدى عدد من الأسر العربية في لندن، وعندما ارتدت الحجاب والتزمت بالتعاليم الدينية تبدأ برؤية العالم من خلال منظور جديد وتكتشف الحياة على حقيقتها وتعيد تقييم حياتها السابقة وتجاربها الماضية تقول: „… هؤلاء الرجال الذين كان أنور يصفهم بضيق العقل والتعصب… كانوا محبين لزوجاتهم وحريصين عليهن. كان أنور ذكياً لكنه لم يكن أبداً حنوناً ولم يقدم الحماية…“. وهكذا، تتكامل في „مئذنة في ريجنت بارك“ الحكاية والخطاب واللغة في رسم صورة الأنثى المسلمة في مجتمع الغرب، نجحت ليلى أبو العلا بتحصينها من ثقافة هشة، وأعادتها بقوة إلى رحم الإسلام الأصيل